خالد زلط يكتب: حتى الحب
افتكر زمان في أوائل الثمانينيات وأواخر التسعينيات، كان لما حد من الجيران يعمل أكل لازم يطلع لـ "جاره" على طول من غير ما يفكر عشان ياكل منه، وكأنه عايز يوصله رسالة "إيه رأيك في أكلي، ورينا بقى إنت هتعمل ايه!"، عادة جميلة، والأجمل منها إنك لما تجي ترجع الطبق لـ "جارك" تاني لازم يكون مليان برده، "كسكسي" "ويكا" "أدوسيه"، المهم يكون مليان أى حاجة والسلام.
ساعات بقى كان بيحصل لخبطة والطبق يرجع بالغلط لحد تاني من الجيران، يقوم الأخير ينسى ويرجعه برده مليان بالغلط لحد ثالث، ونفضل طول الأسبوع ندور عليه ونسأل يا ترى راح فين، وآخر مرة كان عند مين وفيه إيه، وعلى الحال ده يفضل الطبق داير في العمارة كلها لمدة شهر ويمكن أكثر، سعات بقى الوضع كان يتأزم قوي وتحصل مشاكل كبيرة وخناقات عليه "ما هو أكيد الطبق ليه أهل، ولازم في الآخر يرجع لصحابه" (الحق حق)، ووسط الجذب والشد والصوت العالي وأحيانا الصويت، لازم برده الطبق يرجع مليان.
الذي مارسناه في ماضينا الجميل كان المعنى الحقيقي لصلة الرحم، والفطرة التي خلق الله الناس عليها، أشياء كثيرة هجرت حايتنا دون أن نشعر، وكان من الممكن أن تبقى لولا الأنانية التي غلبت علينا خلال السنوت الأخيرة، الفطرة هى أساس كل الأديان، والنهر المتدفق بالخير على الإنسانية كلها، فعندما رحلت رحل معها كل شيء، "حتى الحب".