استبدال ساعر بجالانت.. نتنياهو يحصن حكومته من الانهيار
يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى إقالة وزير دفاع الاحتلال يوآف جالانت، وتعيين رئيس حزب "اليمين الوطني" جدعون ساعر، المنتمي حاليًا للمعارضة، محله، في خطوة تستهدف في الأساس الحفاظ على استمرار رئيس حكومة الاحتلال في منصبه.
قالت القناة 14 الإسرائيلية، إن جالانت تأخر بشكل ملحوظ في انضمامه لاجتماع المجلس الأمني أمس الاثنين؛ بسبب تواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع رئيس حزب "اليمين الوطني" جدعون ساعر.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية أفادت بأنه من المتوقع صدور الإعلان عن توسيع الحكومة خلال الساعات المقبلة، وسط توقعات بإقالة جالانت، وتعيين ساعر مكانه.
وتصاعدت الخلافات بين نتنياهو وجالانت، في الآونة الأخيرة، بسبب رفض رئيس حكومة الاحتلال الموافقة على اتفاق مع حماس بوقف إطلاق النار في غزة، وصفقة تبادل المحتجزين في القطاع.
ويتمسك نتنياهو بسيطرة جيش الاحتلال على محوري "فيلادلفيا" على الحدود مع مصر، و"نتساريم" الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، مما يعرقل جهود الوساطة الرامية إلى التوصل لاتفاق الهدنة والتبادل.
وصوت نتنياهو و7 وزراء في المجلس الأمني المصغر للاحتلال، الشهر الماضي، لصالح الإبقاء على السيطرة الكاملة على محور فيلادلفيا، وكان جالانت هو الوحيد الذي صوت ضد القرار.
يرفض جالانت بقاء محور فيلادلفيا تحت سيطرة جيش الاحتلال، وقال: "يجب أن نختار ما بين محور فيلادلفيا أو المحتجزين. لا يمكننا أن نأخذ الاثنين. إذا عقدنا تصويتًا، ربما نجد أنفسنا أمام موت المحتجزين".
وقال مساعدو جالانت، إن وزير الدفاع الإسرائيلي لا نية لديه للاستقالة في اللحظة الحالية، وقت التصويت على قرار بقاء الاحتلال في فيلادلفيا، ولكن هذه الحادثة قد تدفع نتنياهو مجددًا إلى النظر في إمكانية إقالته كما فعل في 2023.
وحذر جالانت في وثيقة، الشهر الماضي، من أن إسرائيل بعدم السعي إلى التوصل إلى اتفاق، ستترك المحتجزين في الأسر وستواجه خطر "التدهور الوشيك إلى حرب متعددة الجبهات".
ويرى جالانت أن أي عملية عسكرية في لبنان ستمس باحتمال إعادة المحتجزين الإسرائيليين بقطاع غزة، لأن جيش الاحتلال سيضطر إلى نقل قوات من قطاع غزة إلى الجبهة الشمالية على الحدود مع لبنان، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وتجدر الإشارة إلى أن الوزير المتطرف في حكومة الاحتلال إيتمار بن جفير، يطالب منذ شهور بتغيير جالانت، حيث قال في إشارة إلى تصعيد محتمل مع حزب الله "يجب علينا حل الوضع في الشمال، وجالانت ليس الرجل المناسب لقيادة هذا".
وقال بن جفير، عبر منصة "إكس" أمس الاثنين: "منذ أشهر وأنا أدعو رئيس الوزراء نتنياهو إلى إقالة جالانت، وحان الوقت للقيام بذلك فورًا".
وسبق أن أقال نتنياهو جالانت، في مارس 2023، بعد أن حث الحكومة على رفض تعديلات مثيرة للجدل للغاية تتعلق بالنظام القضائي. وشهدت تلك الفترة خروج احتجاجات جماهيرية واسعة وتراجع نتنياهو عن قراره.
وفي حين يتأهب رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقالة جالانت خلال فترة قصيرة، وفق ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، تجري دائرة نتنياهو المقربة مفاوضات مع رئيس حزب اليمين الوطني جدعون ساعر، ليحل محل وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي.
وحسبما ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فإن قادة الائتلاف منحوا نتنياهو الضوء الأخضر لضم ساعر إلى الحكومة.
وذكرت القناة 14 الإسرائيلية نقلًا عن مصادر سياسية أن جميع العقبات أمام انضمام ساعر للحكومة تم حلها، وتأخير التوقيع على انضمامه يعود لأسباب أمنية.
كذلك قالت هيئة البث الإسرائيلية إن الإعلان عن توسيع الحكومة وإقالة جالانت، سيصدر في الساعات القليلة المقبلة، وسيتولى ساعر حقيبة وزارة الدفاع.
وساعر (57 عامًا) هو قيادي سابق في "الليكود" انشق عن الحزب عام 2020؛ إثر خلافات مع نتنياهو، وأسس في 2021 حزب "أمل جديد" الذي فاز بـ6 مقاعد (من أصل 120) في الكنيست خلال انتخابات في العام نفسه.
وخاض انتخابات 2022 المبكرة، بالتحالف مع زعيم حزب "معسكر الدولة" بيني جانتس، ضمن معسكر "الوحدة الوطنية" الذي حصل على 12 مقعدًا.
لكن في مارس الماضي، أعلن ساعر انشقاقه عن معسكر "الوحدة الوطنية"، وأسس حزب "اليمين الوطني"، ولديه حاليًا 4 مقاعد في الكنيست.
ولفتت تقارير آنذاك، إلى أن ساعر يأمل بالحصول على مكان في مجلس الحرب، وهو العرض الذي يطلبه ساعر من نتنياهو، الذي قد يحققه وفقًا لتقديرات المحللين، بسبب المعروف الكبير الذي قدمه له بالانفصال عن جانتس، وهي الخطوة التي تعزز مكانة نتنياهو وتؤجل أي موعد للانتخابات في المستقبل القريب.
وأجمع المحللون الإسرائيليون، على أن خطوة ساعر تمثل طوق نجاة لحكومة نتنياهو، وجرعة أكسجين لنتنياهو الذي يواجه حالة من التخبط في سير الحرب على غزة، ويعيش حالة من الصراع والانقسام مع خصومه السياسيين حتى داخل الليكود، وأبرزهم جالانت.
ولم يستبعد المحللون أن يوافق نتنياهو على طلب ساعر بالانضمام إلى مجلس حرب الاحتلال، مشيرين إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ينظر إلى خطوة ساعر بالإيجابية كون ذلك يخدم استقرار حكومته المتطرفة وتنفيذ أجندتها المتعلقة باستمرار الحرب على غزة.
وسبق أن رفض ساعر منح نتنياهو الحصانة من الملاحقة القضائية بتهم الفساد، وهو الموقف الذي يريد رئيس حكومة الاحتلال عكسه، من خلال تعيين ساعر وزيرًا لدفاع جيش الاحتلال بدلًا من جالانت.
وأفادت هيئة البث العبرية "كان" بأن إقالة جالانت قد تؤثر سلبًا على العلاقات مع الإدارة الأمريكية، كونه يشكل قناة الاتصال الرئيسية بين الجانبين في المرحلة الحالية من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة المحتلة.